الأربعاء، 09 أبريل 2025
دبي، الإمارات العربية المتحدة:
تُنذر الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بضربة قوية لقطاع الطاقة المتجددة، إذ ترفع التكاليف، وتُعطل سلاسل الإمداد، كما أنها تعوق طموحات الولايات المتحدة في ريادة ثورة الذكاء الاصطناعي، بحسب تحذيرات مسؤولين تنفيذيين في شركات التكنولوجيا النظيفة.
وتتراوح الرسوم بين 10 و49%، وتغطي المكونات الكهربائية وأنظمة تخزين البطاريات ومعدات أخرى من الصين وجنوب شرق آسيا وأوروبا، ما يشكل ضغطاً مضاعفاً على قطاع يعاني بالفعل من توجه ترامب نحو دعم الوقود الأحفوري، وتراجع اهتمامه بالطاقة النظيفة.
وحذّر المسؤولون التنفيذيون من أن التكاليف الإضافية الناجمة عن الرسوم الجمركية، ستؤدي بدورها إلى ارتفاع فواتير الكهرباء. وقد ارتفعت أسعار الكهرباء العام الماضي بضعف معدل التضخم، في ظل طلب عدد من شركات المرافق من الجهات التنظيمية أن ترفع الأسعار بأكثر من 10%، لتغطية تكاليف العمالة والمواد، وتحديث شبكات الكهرباء.
وقالت سانديا غاناباثي الرئيسة التنفيذية لشركة «إي دي بي رينيوابلز أمريكا الشمالية»، وهي واحدة من أكبر مطوري مشاريع طاقة الرياح والطاقة الشمسية وتخزين البطاريات في الولايات المتحدة: «قد تكون هذه الرسوم عاملاً معرقلاً في وقت نحن بحاجة فيه إلى قيادة عصر جديد من هيمنة الطاقة، لوضع الولايات المتحدة في مركز ثورة مراكز البيانات وتقنيات الذكاء الاصطناعي».
وأضافت: «من منظور الأعمال، هذا الأمر مقلق للغاية، ويسبب اضطراباً كبيراً».
وقال جوليان دومولين-سميث، المحلل في بنك جيفريز الاستثماري: إن هذه الرسوم تسببت في «كثير من الفوضى»، في وقت يسود فيه القلق بشأن ما إذا كان ترامب سيلغي الحوافز السخية للطاقة النظيفة التي قدمها الرئيس السابق جو بايدن.
وأضاف: «تشكل الرسوم الجمركية سبباً آخر للشركات لتأجيل استثماراتها.. والمشكلة الحالية تكمن في عدم وجود سلسلة توريد محلية أمريكية كبيرة بما يكفي، في العديد من قطاعات الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وتخزين البطاريات وطاقة الرياح. ولا توجد خيارات كثيرة سوى الشراء من الخارج».
وكان الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، قد أطلق طفرة في إعادة التوطين الصناعي، عبر تقديم مئات المليارات من الدولارات في شكل ائتمانات ضريبية، ضمن تغيير جذري في السياسة الصناعية، عبر قانون خفض التضخم، وقانون الرقائق والعلوم. وتم بالفعل إطلاق أكثر من 200 مشروع تصنيع واسع النطاق منذ صدور هذين التشريعين، قبل أكثر من عامين ونصف، على الرغم من أن العديد من المصانع لم تبدأ الإنتاج بعد.
ويرى المحللون أن قطاع الطاقة الخضراء الأكثر عرضة لتداعيات الرسوم الجمركية، نظراً لاعتماده الكبير على الواردات الأجنبية، وانخفاض الدعم الحكومي.
وكان ترامب قد تعهد بإلغاء قانون خفض التضخم، واصفاً إياه بـ «الخدعة الخضراء»، كما علّق تصاريح القروض لبعض مشاريع الطاقة المتجددة، وأعطى الأولوية لتطوير مشاريع الوقود الأحفوري، وقد أدى ذلك إلى تثبيط الاستثمار في صناعة الطاقة الخضراء، التي تواجه تكلفة إضافية لتوريد المعدات من البلدان الخاضعة لرسوم جمركية عقابية.
وتعد سلاسل توريد أنظمة تخزين البطاريات، الضرورية لتخزين الطاقة المتجددة، من بين الأكثر عرضة للخطر. فخلال العام الماضي، كان مصدر أكثر من 90% من خلايا تخزين الطاقة من الليثيوم أيون المستخدمة في سوق التخزين الأمريكي من الصين، وفقاً لشركة أبحاث البيانات «رو موشن».
وعلى الرغم من الجهود المبذولة لزيادة الإنتاج المحلي في الولايات المتحدة، فلا توجد قدرة إنتاجية وطنية كافية لتلبية الطلب المتزايد. وتواجه واردات خلايا التخزين من الصين رسوماً إضافية بنسبة 34%، تُضاف إلى نسبة 20% كانت قد فرضت سابقاً خلال إدارة ترامب.
وبذلك، سيرتفع إجمالي الرسوم الجمركية على خلايا التخزين الصينية إلى 82.4% بحلول 2026، نتيجة لمجموعة من الرسوم الحالية والجديدة، والتعديلات المقررة سابقاً من إدارة بايدن.
وقالت أيولا هيوز، المحللة في «رو موشن» للأبحاث، إن قطاع التخزين في الولايات المتحدة سيدفع أسعاراً أعلى بكثير مقابل الخلايا، مقارنة ببقية دول العالم. وأشارت إلى أن بعض المصانع الأمريكية بدأت بزيادة إنتاجها من خلايا التخزين، لكن هذه المصانع ما زالت تعتمد على استيراد الكاثودات من الصين، والتي ستظل خاضعة للرسوم الجمركية.
ورغم النمو السريع في صناعة الألواح الشمسية داخل الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة، إلا أن البلاد استوردت نحو 95 مليون لوح شمسي العام الماضي، ويرجع ذلك جزئياً إلى قيام المطورين بتخزين الإمدادات، تحسباً للتغيرات المتوقعة في السياسات، وفقاً لبيانات من «ريستاد إنرجي».
وجاءت غالبية الواردات من دول تواجه رسوماً جمركية مرتفعة، مثل فيتنام وماليزيا وتايلاند، بعد فرض رسوم إضافية على وارداتها العام الماضي، قبل تولي ترامب منصبه.
ويتوقع ماريوس موردال باك نائب رئيس أبحاث الطاقة الشمسية في «ريستاد»، أن تبدأ الولايات المتحدة زيادة وارداتها من الشرق الأوسط وأفريقيا.
وقال: «نتوقع تسارعاً في تنفيذ خطط تصنيع الخلايا والوحدات محلياً، لكن التكاليف ستستمر في الارتفاع بالنسبة للمطورين»، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة لا تزال تعتمد أيضاً على استيراد البولي سيليكون والرقائق.
وفي قطاع طاقة الرياح، تستورد الولايات المتحدة العديد من المكونات، مثل شفرات التوربينات وأنظمة الدفع والمكونات الكهربائية، حيث جاءت قرابة نصف هذه الواردات من الاتحاد الأوروبي عام 2024، بحسب بيانات «ريستاد». وكان تقرير صدر في فبراير عن شركة «وود ماكنزي»، قد حذر من أن فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على جميع واردات منتجات طاقة الرياح، سيؤدي إلى رفع تكلفة المشاريع بنسبة 7%، ويعرض بعض المشاريع للخطر.
كما تستورد الولايات المتحدة الكثير من المكونات الحيوية، لتحديث الشبكات الكهربائية، لضمان قدرتها على تلبية الطلب المتزايد على الطاقة. وستُصبح هذه المكونات الآن أكثر تكلفة، ما سيرفع فواتير الكهرباء على المستهلكين.
وقالت غاناباثي من «إي دي بي»: «هذه الرسوم لا تؤثر فقط في المشاريع الجديدة، التي نريد تنفيذها على أرض الواقع، بل تُهدد استقرار الشبكة الكهربائية عموماً».