السبت، 19 أبريل 2025
دبي، الإمارات العربية المتحدة:
في تحوّل غير مسبوق، خطت إثيوبيا خطوة جريئة نحو مستقبل مستدام، لتصبح أول دولة في إفريقيا – وربما في العالم – تُحظر فيها بالكامل السيارات العاملة بالوقود الأحفوري، وتُفتح أبوابها فقط أمام المركبات الكهربائية، قرارٌ فاجأ المراقبين وأثار حيرة الخبراء الذين لم يجدوا له تفسيراً منطقياً واضحاً حتى الآن.
"لا" حاسمة للسيارات الملوّثة
رغم التحديات الاقتصادية التي تواجهها، قررت إثيوبيا أن تأخذ زمام المبادرة بيئيًا، لتصبح أول دولة إفريقية تفرض حظراً شاملاً على استيراد السيارات العاملة بالبنزين. ووفق ما أعلنه وزير النقل، أليمو سيمي فييسا، فإن الحكومة بدأت بالفعل وضع البنية التحتية اللازمة لدعم هذا التحول، وعلى رأسها إنشاء شبكة وطنية لمحطات شحن السيارات الكهربائية، بحسب ما نشره موقع ecoportal.
تستند الحكومة الإثيوبية في قرارها إلى عاملين رئيسيين:
عبء اقتصادي ثقيل: أنفقت البلاد العام الماضي نحو 6 مليارات دولار على واردات النفط، وهو رقم يُثقل كاهل الاقتصاد ويستنزف احتياطات النقد الأجنبي، في وقت تعاني فيه البلاد من تقلبات سعر الصرف وشح العملة الصعبة.
تحوّل بيئي طموح: كسائر دول العالم، تسعى إثيوبيا إلى تقليص الانبعاثات الكربونية، والسيارات تُعد من أكبر مصادر التلوث. المفاجئ هنا أن إثيوبيا سبقت بهذا القرار العديد من الدول الأوروبية التي لا تزال مترددة في اتخاذ خطوات مماثلة.
رؤية بيئية وسط واقع صعب
رغم تحدياتها التنموية الكبيرة، من انخفاض مستوى الدخل والتعليم إلى مشكلات حقوق الإنسان والتنوع الإثني، إلا أن إثيوبيا تقدم نموذجًا متقدمًا في مجال حماية البيئة. فمصادر الطاقة المتجددة تشكل العمود الفقري للبنية الطاقية فيها، بدءًا من الطاقة الكهرومائية، مرورًا بالرياح، وصولاً إلى الشمس. كما تواصل البلاد الاستثمار في مشاريع بنية تحتية خضراء تُعزز هذا التوجه.
دعم حكومي للانتقال الكهربائي
لتسهيل الانتقال إلى السيارات الكهربائية، أطلقت الحكومة حزمة من الإجراءات التحفيزية، شملت إعفاء هذه المركبات من الضرائب، واستبدال أسطول الحافلات التقليدي في العاصمة أديس أبابا بحافلات كهربائية، ففي عام 2022 وحده، تم شراء 110 حافلات كهربائية، ولاقت استحسانًا واسعًا من المواطنين.
وفي خطوة أكثر طموحًا، تخطط الدولة لإنشاء ألف محطة شحن بحلول عام 2027، رغم أن معظم الاستثمارات الحالية تأتي من القطاع الخاص، ويبقى التحدي الأكبر هو طمأنة المواطنين بشأن توفر محطات الشحن خارج المدن الكبرى، خاصة مع تردد البعض في مغادرة العاصمة خوفًا من انقطاع الطاقة أو غياب البنية التحتية.
إثيوبيا تسبق أوروبا
بهذا القرار، تكون إثيوبيا قد تجاوزت معظم دول القارة – بل وحتى العديد من الدول الأوروبية – في سباق التحول إلى الطاقة النظيفة. فرغم محدودية مواردها، إلا أن إصرارها على تبنّي مستقبل كهربائي بالكامل يعكس التزامًا بيئيًا نادرًا في المنطقة.