الخميس، 24 أبريل 2025
دبي، الإمارات العربية المتحدة:
تسعى شركات السيارات الغربية هذا الأسبوع إلى تحدي منافسيها المحليين في الصين، وذلك بإطلاق برمجيات جديدة وقدرات ذكية في مركباتها المنتجة بالتعاون مع شركاء محليين، في محاولة منها لاستعادة موطئ قدم في أكبر سوق للسيارات عالمياً.
معرض السيارات السنوي الذي تستضيفه البلاد، وينعقد في شنغهاي هذا العام، سيكون بمثابة الاختبار الحقيقي الأول للاستراتيجيات التي تم إصلاحها. وتبنت شركات «فولكس فاجن»، و«تويوتا»، وأخريات، استراتيجية «صنع في الصين من أجل الصين» لاستعادة العملاء الذين تحولوا إلى مركبات كهربائية بأسعار أكثر معقولية ومليئة بالتكنولوجيا من علامات تجارية محلية.
وتعتزم «مرسيدس بنز» إطلاق طراز «سي إل إيه» الكهربائي في الصين بوقت لاحق من العام الجاري، على أن يكون «العقل» المركزي للمركبة وهو نظام تشغيل تم تطويره بالاشتراك مع فريق محلي للبحوث والتطوير. وستحتوي السيارة على مدى قيادة محسن وسرعات شحن وقدرات قيادة ذاتية أكثر تقدماً.
وفي مقابلة، صرح ماغنوس أوستبيرغ، كبير مسؤولي البرمجيات لدى «مرسيدس»: «نحن نشعر بثقة شديدة بشأن التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي الخاص بنا». وتابع أوستبيرغ: «ستكون معركة أرقام، مثل من لديه مدى قيادة أطول»، مضيفاً: «لكني أعتقد بأن أقدامنا ستكون راسخة للغاية في الصف الأمامي من هذه المنافسة بواسطة سيارة سي إل إيه».
ومن المقرر إطلاق «بي إم دبليو» المنافسة لمركبات «نيو كلاس» الكهربائية المنتجة في الصين بداية من العام المقبل بالاشتراك مع فرق بحوث وتطوير وتصميم محلية خاصة بها، علاوة على شركائها التكنولوجيين المحليين «علي بابا» و«هواوي».
وقال لي يانوي، عضو لجنة الخبراء في رابطة تجار السيارات الصينية: «حان الوقت لمعرفة ما إذا كانت شركات السيارات الأجنبية قد صنعت مركبات كهربائية جيدة بما يكفي».
وظلت حصة شركات السيارات الغربية في الصين ثابتة عند 31 % خلال أول شهرين من العام الجاري، ما يقل عن منتصف نسبة 64 % التي سجلتها عام 2020، مع تجاوزت «جيلي» و«بي واي دي» المرتبة التي لطالما احتفظت بها «فولكس فاجن» باعتبارها العلامة التجارية الأفضل مبيعاً، بحسب «شنغهاي كونسلتنسي أوتوموبيليتي».
وتشكل مبيعات المركبات الكهربائية والسيارات الهجينة القابلة للشحن نسبة 45 % من مبيعات السيارات الجديدة في الصين. واعترف بعض المسؤولين التنفيذيين الغربيين بصناعة السيارات، بأنه من غير المحتمل أن يستعيدوا هيمنتهم على السوق الصينية، لكن شركات السيارات الغربية حريصة على استعادة مكانتها، وخاصة في ضوء تصاعد وتيرة الحرب الاقتصادية بين بكين وواشنطن ما يضع مزيداً من الضغوط على كاهل القطاع.
وللقيام بذلك، لجأت كثير من شركات السيارات الغربية إلى عقد شراكات مع الشركات الصينية لاستيعاب خبراتها التكنولوجية والاستجابة بسرعة أكبر لما يطلبه المستهلكون الصينيون، وهي الاستراتيجية نفسها التي اتبعتها الشركات الصينية منذ ثمانينيات القرن الماضي للتعلم من منافسيها الغربيين.
على سبيل المثال، من المقرر أن تعرض «أودي» أول نموذج تنتجه لعلامتها التجارية الفرعية الموجهة إلى الصين فقط، دون أن تضع عليها شعارها المعروف المكون من أربع حلقات.
ويستخدم الطراز الجديد منصة مركبات شاركت في تطويرها مع شريكتها الصينية «سايك» لاستهداف المستهلكين المحليين من الشباب. ومن المنتظر أيضاً أن تعرض الشركة 18 طرازاً آخر في المعرض.
وقال جيرنوت دولنر، الرئيس التنفيذي لدى «أودي»: «اتخذنا خطوات ملموسة العام الماضي لتأمين النجاح المستقبلي في الصين»، وتابع: «ونعتزم، في معرض شنغهاي للسيارات لعام 2025، إثبات قدرة أودي على النجاح في الصين».
يرى بول جونج، محلل السيارات لدى «يو بي إس»، أن المشروعات المشتركة بين شركات السيارات العالمية وشركائهم الصينيين كانت تهدف سابقاً إلى أن تكون قنوات مبيعات لطرز صنعتها شركات أجنبية. لكن حالياً، «هناك الكثير والكثير من الحالات التي تقدم فيها شركات السيارات الصينية تصميم الطرز».
وتتضمن الأمثلة على ذلك، مركبة السيدان «مازدا إي زد 6» الكهربائية التي طورتها استناداً إلى مجموعة نقل الحركة التي طورتها شريكتها «شانغان»، وكذلك مركبة «تويوتا بي زد 3 إكس»، وهي سيارة دفع رباعي كهربائية يبلغ سعرها 15,000 دولار، طورتها بالاشتراك مع منصة المركبات الكهربائية الخاصة بشركة جاك الصينية المملوكة للدولة وتتشارك مع طراز «أيون في» الذي صنعته «جاك» في أكثر من 40 % من المكونات.
وتمكنت «تويوتا»، وخاصة علامتها التجارية الفاخرة «ليكزس»، من الصمود في مواجهة الظروف القاسية في السوق، فحققت مبيعات داخل الصين قدرها 1.8 مليون سيارة عام 2024، بانخفاض قدره 8 % فقط مقارنة بالذروة التي سجلتها عام 2021.
ورغم ذلك، تتوجه الصين، أكبر منتج للسيارات في العالم، نحو استراتيجية جديدة، وهي تسليم مزيد من السلطات إلى كبير المهندسين الإقليميين في الصين، وزيادة موارد البحوث والتطوير المحلية، والاعتماد بشكل أكبر على شركائها في المشروعين المشتركين، «فاو» و«جاك».
وقال يويشي ميازاكي، المدير المالي لدى «تويوتا» في نوفمبر الماضي: «بدلاً من تصنيع اليابانيين سيارات للصينيين، سيكون الوضع هو مزيد من الصينيين يصنعون سيارات للصينيين». وأضاف: «نرغب في اتخاذ خطوة إضافية في هذا الاتجاه، وستكون لدينا سيارات مثل هذه لنكشف عنها للمستهلكين في غضون عامين إلى ثلاثة أعوام».
وقبل معرض هذا الأسبوع، أعلنت ذراع «تويوتا» في الصين أن الشركة اليابانية الأم ستسلم سلطات تطوير المنتجات إليها ليكون بإمكانها اتباع «طريقة التفكير الصينية، التي تتبناها العقول الصينية، باستخدام أساليب صينية».
رغم ذلك، ستحتفظ «تويوتا» باليد العليا في أحد المجالات داخل الصين، وسيكون ذلك من خلال علامتها التجارية «ليكزس».
ففي فبراير الماضي، أعلنت العلامة التجارية عزمها بناء مصنع للمركبات الكهربائية والبطاريات في شنغهاي لإنتاج طرز خاصة بـ«لكزس»، وسيكون المصنع الثالث الوحيد في الصين الذي تملكه شركة سيارات أجنبية بالكامل.