الخميس 1 مايو 2025 - 02:00:29 ص

«تسلا» تدفع كلفة باهظة بسبب تدخل ماسك في السياسة

«تسلا» تدفع كلفة باهظة بسبب تدخل ماسك في السياسة

دبي، الإمارات العربية المتحدة:

هل سبق أن كان التدخل في السياسة مكلفاً إلى هذه الدرجة؟ فبين بلوغ الذروة في ديسمبر الماضي وتقرير مبيعاتها وأرباحها الضعيفة للربع الأول، والذي تم الإعلان عنه الأسبوع الماضي، خسرت «تسلا» ما يقرب من 800 مليار دولار من قيمتها السوقية، وقد أدى ذلك إلى فقدان ما يقرب من 100 مليار دولار من ثروة مؤسسها ورئيسها التنفيذي، إيلون ماسك.

وقد شهدت أسهم الشركة ارتفاعاً طفيفاً، ويعود ذلك جزئياً إلى ترحيب المستثمرين بوعد ماسك بالتخلي عن كامل إدارة ما يسمى «وزارة الكفاءة الحكومية» في الإدارة الأمريكية، وتكريس المزيد من الوقت لإدارة شركة صناعة السيارات الكهربائية، لكن إصلاح الضرر الذي لحق بـ«تسلا» يتطلب أكثر من مجرد رئيس أقل تشتتاً، وذلك لأن ماسك لم يعد يقوم بتكريس كل وقته لـ«تسلا» وأعمالها، بل قال إنه سيظل «يقضي يوماً أو يومين» أسبوعياً في «الشؤون الحكومية».

ولا يزال معظم أعضاء مجالس الإدارة والمستثمرين يعتبرون ذلك مصدر إلهاء كبير لرئيس تنفيذي، خاصة إذا كان يشرف على حوالي ست شركات في الوقت نفسه، وقد يستسلمون بهدوء إذا كان القرب من السلطة يمنحهم نفوذاً مفيداً. ومع ذلك، وبينما تحركت إدارة ترامب لتخفيف القواعد المتعلقة بالمركبات ذاتية القيادة، لم يتمكن ماسك من كبح جماح عزم ترامب على التراجع عن سياسات أخرى مؤيدة للسيارات الكهربائية أو حربه الجمركية المدمرة.

كذلك، لم يلتزم ماسك، الذي اعتنق مبادئ حركة «ماغا»، بتخفيف التبني الأوسع للسياسات اليمينية التي أشعلت، إلى جانب أنشطته في إدارة «دوج»، مقاطعة المستهلكين واحتجاجاتهم في صالات العرض.

وفي غضون ساعات من مؤتمر أرباح «تسلا» أعاد ماسك على شبكته «إكس» نشر محتوى للناشط اليميني المتطرف البريطاني المسجون تومي روبنسون، كما أشار إلى ارتفاع نسب استطلاعات الرأي لحزب البديل من أجل ألمانيا، لكن الحقيقة هي أن «تسلا» كانت تعاني حتى قبل أن يصبح ماسك رئيساً، فقد انخفضت مبيعاتها العالمية من السيارات في عام 2024 بشكل طفيف عن عام 2023، وجاء جزء متزايد من أرباحها من بيع أرصدة الكربون التنظيمية لشركات صناعة سيارات أخرى بدلاً من بيع السيارات.

لم تعد تشكيلة منتجاتها القديمة تجذب المشترين، وقد تباطأت «تسلا» في طرح طرازات أقل سعراً، مما سمح لمنافسيها الصينيين، خاصة شركة «بي واي دي»، بالتفوق في مجالات الابتكار.

علاوة على ذلك فقد استقبل المستهلكون الصينيون إطلاق نظام «القيادة الذاتية الكاملة» من «تسلا» في فبراير بحالة من اللامبالاة؛ وقد عرض المنافسون المحليون بالفعل ابتكارات مشابهة بأسعار أرخص.

ويعتقد بعض المستثمرين أن ماسك ذا الطبيعة المتململة بدأ يشعر بالملل من إدارة شركة سيارات، وعينه على حدث كبير قادم، وقد أصرت «تسلا» الأسبوع الماضي على أن خططها لبدء إنتاج طرازات أكثر بأسعار معقولة بحلول يونيو تسير على الطريق الصحيح، إلى جانب خططها لإطلاق خدمة سيارات الأجرة الآلية ذاتية القيادة في أوستن.

وأكد ماسك أن «تسلا» في طريقها لتصبح الشركة الأكثر قيمة في التاريخ، عبر إنتاجها أساطيل من «سيارات الأجرة ذاتية القيادة وروبوتات أوبتيموس البشرية.

ورغم الانخفاض الأخير في قيمة تسلا إلى النصف فإن أسهمها تبقى عند نفس المستوى تقريباً، الذي كانت عليه عندما أعيد انتخاب ترامب. إذا طبقنا أي شيء قريب من مضاعفات شركة سيارات «عادية» فمن الواضح أن مبالغ هائلة لا تزال تراهن على رؤية ماسك.

ويشير سجل رئيس «تسلا» إلى أنه إذا كان ممكناً لشخص ما تحقيق هذه الرؤية، فهو ماسك، لكن القيام بذلك سوف يتطلب بالتأكيد اهتمامه الكامل، وليس التسكع في البيت الأبيض ومنتجع مارالاغو وإرسال رسائل على منصة «إكس» على مدار الساعة، والبث المباشر مع السياسيين اليمينيين.

وإذا لم يكن ماسك مستعداً للتخلي عن هذه الأنشطة فعليه تعيين رئيس تنفيذي قادر على قيادة «تسلا» دون تشتيت، وستستفيد «تسلا» أيضاً من أن تصبح شركة أكثر استدامة من حيث الحوكمة. وقد سلطت محكمة ديلاوير في حكمها العام الماضي بشأن حزمة مكافآت ماسك الضخمة، الضوء على العلاقات الوثيقة بين العديد من أعضاء مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي.

في كل الأحوال يضمن ماسك لنفسه بالفعل مكانة مرموقة بين رواد الأعمال العالميين، لكنه سيقدم خدمة لمستثمريه وعملائه، وربما للجميع أيضاً، إذا صرف كل تركيزه على ما يجيده: أن يكون رائد أعمال صاحب رؤية.