الأثنين، 02 يونيو 2025
دبي، الإمارات العربية المتحدة:
بدأت كبرى شركات التكنولوجيا الصينية تسلك مساراً طويلاً ومعقداً لإعادة توجيه جهودها لتطوير الذكاء الاصطناعي بالاعتماد على رقاقات محلية، في ظل تناقص مخزونها من معالجات شركة «إنفيديا»، والتشديد المتزايد للقيود الأمريكية على تصدير الرقائق المتقدمة.
وتعد شركات مثل «علي بابا» و«تنسنت» و«بايدو» من بين المؤسسات، التي شرعت في اختبار بدائل محلية لأشباه الموصلات، بهدف تلبية الطلب المتزايد داخلياً على تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والوفاء باحتياجات عملائها، وفقاً لما أفاد به مسؤولون تنفيذيون في القطاع.
واضطرت هذه الشركات إلى تعزيز خطط الطوارئ لديها، إذ أدى تزايد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين بإدارة دونالد ترامب خلال الشهر الماضي إلى فرض قيود على مبيعات الرقائق المفضلة لديهم، وهي «إتش 20»، التي تصنعها «إنفيديا»، وهي منتج مخفف كان مصمماً للامتثال للقيود، التي فرضتها إدارة جو بايدن.
ودفع تشديد القيود شركات التكنولوجيا الصينية إلى اتخاذ كل ما يلزم من خطوات وإجراءات، بما أن المتبقي لديها من مخزونات من رقائق «إنفيديا» سيجعلها قادرة فقط على مواصلة تطوير الذكاء الاصطناعي حتى أوائل العام المقبل تقريباً، بحسب مصادر على اطلاع بالأمر من داخل هذه الشركات.
وعادة ما يستغرق شحن الطلبيات الجديدة للرقائق ما يتراوح بين ثلاثة إلى ستة أشهر، وما زال من غير الواضح متى، وإذا ما كانت «إنفيديا» ستكون قادرة على توفير معالجات جديدة للصين تكون متوافقة مع قيود التصدير الأكثر صرامة، التي فرضها ترامب.
وأفاد شين دو، رئيس مجموعة الحوسبة السحابية للذكاء الاصطناعي لدى «بايدو»، للمحللين بأن الشركة ستختار من بين مجموعة من الخيارات لتحل محل رقائق «إنفيديا»، خاصة فيما يتعلق بمعالجة الاستدلال لحل المشكلات. وقال: «نعتقد أنه بمرور الوقت ستشكل الرقائق المطورة محلياً والمكتفية ذاتياً، بجانب البرمجيات المحلية الأكثر كفاءة، أساساً قوياً للابتكار على المدى الطويل في بيئة الذكاء الاصطناعي في الصين».
وقال إيدي وو، الرئيس التنفيذي لدى «علي بابا»، في مؤتمر لإعلان النتائج في وقت مبكر من مايو: «ننظر بالفعل في حلول متنوعة لتلبية الطلب المتزايد للعملاء». وفي مؤتمر آخر لإعلان الأرباح أعلن مارتن لاو، رئيس مجلس إدارة «تنسنت»، أن شركته تحاول أن تكون أكثر فعالية في كيفية استخدامها للرقائق، بينما تنظر أيضاً في منتجات بديلة.
وأوضح لاو للمحللين: «يجب أن يتوفر لدينا ما يكفي من الرقائق المتقدمة لنواصل تدريب نماذجنا من أجل تطوير المزيد من الأجيال مستقبلاً»، وتابع: إن «تنسنت» قد «تستخدم رقائق أخرى»، لتلبية احتياجات الاستدلال المتزايدة.
وأعلن مركز أبحاث تابع لوزارة أمن الدولة الصينية الشهر الماضي أنه في حين تعد القيود التي فرضتها واشنطن على الصادرات صارمة، إلا أنها «حفزت المزيد من العمل في الابتكار المستقل بمجال رقائق الذكاء الاصطناعي المحلية المتطورة، وتأتي مجموعة رقائق «أسيند»، التي تصنعها «هواوي» كأبرز مثال على ذلك».
وفي منشور على وسائل التواصل الاجتماعي قال معهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة: «بدأت المؤسسات المحلية في الصين بالفعل عملية شراء كبيرة النطاق لاستخدامات أوسع نطاقاً لرقائق أسيند». وتعد الشركات المملوكة للدولة الصينية، مثل «تشاينا موبايل»، والكيانات الأخرى العاملة في صناعات حساسة مثل الدفاع، والرعاية الصحية، والمال أكبر المشترين لرقائق «هواوي». والآن من المتوقع أن تتنافس مجموعة أكبر كثيراً من شركات التكنولوجيا المحلية على الرقائق الصينية المحلية.
وظلت الكيانات التي تنظر إلى «هواوي» باعتبارها بديلاً محتملاً، صامتة إلى حد كبير بشأن اختبار رقائق «أسيند»، بعدما أصدرت واشنطن توجيهات بشأن القيود على الصادرات، وتحذيرها من أن استخدامها «في أي مكان حول العالم» قد يسفر عن مواجهة الشركات عقوبات جنائية.
وتشير تقديرات المحللين في «جيه إف سيكيوريتيز»، إلى بدء «إنفيديا» إنتاج الجيل التالي من الرقائق الموجهة إلى التصدير للصين، وستكون متوافقة مع قواعد التصدير الأمريكية في أوائل شهر يوليو المقبل، لكن المعالج الجديد، وعلى الرغم من اعتماده على منتج «بلاكويل» المتقدم، الذي صنعته «إنفيديا»، لن تتوفر به ذاكرة عالية النطاق الترددي، وهي مكون رئيس من أجل المعالجة السريعة لكميات هائلة من البيانات.
وفي مؤتمر إعلان الأرباح الأربعاء الماضي، صرح جنسن هوانغ، الرئيس التنفيذي لدى «إنفيديا»، بأن الخيارات المتاحة للشركة كانت محدودة فيما يتعلق بإتاحة منتج جديد للصين، وبين: «ليس لدينا أي شيء في الوقت الراهن».
وتواجه شركات التكنولوجيا تكاليف باهظة إذا ما قررت تحويل أنظمتها إلى بدائل محلية بعيدة عن رقائق «إنفيديا». ويستغرق نقل شيفرة التدريب التي تطورت في الأصل اعتماداً على إطار عمل برمجيات «سي يو دي إيه» الخاص بشركة «إنفيديا» إلى إطار «سي إيه إن إن»، الذي طورته «هواوي»، وقتاً طويلاً، وغالباً ما يتطلب دعماً كبيراً من مهندسي «هواوي» لمعالجة الأعطال وتحسين الأداء، إلى جانب مشكلات أخرى.
وأشارت تقديرات أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في شركة تكنولوجية صينية إلى أن التحول نحو استخدام أنظمة «هواوي» سيسفر عن اضطرابات قد تستمر لحوالي ثلاثة أشهر. وتفكر الكثير من الشركات في تبني نهج هجين، يقوم على استمرار تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، بواسطة رقائق «إنفيديا» الموجودة، مع استخدام المعالجات المحلية في الاستدلال.
وفي حين تحاول «هواوي» زيادة قدرتها الإنتاجية لدى شركائها وتعمل على إطلاق مصنعها الخاص إلا أن الإمدادات لا تلبي الطلب الحالي. وتخضع رقائق أخرى من شركات صينية تعمل على تصنيع الرقاقات، مثل «كامبريكون» و«هايغون»، لاختبارات من جانب شركات التكنولوجيا، فيما تعمل كل من «بايدو» و«علي بابا» على تطوير معالجاتهما الخاصة، لتلبية الطلب المتزايد.