الأحد 13 يوليو 2025 - 11:48:57 م

ترامب يواصل إثارة الفوضى في الأسواق

ترامب يواصل إثارة الفوضى في الأسواق

دبي، الإمارات العربية المتحدة:

هناك أسباب عدة للشعور بالكثير من الارتباك إزاء السياسة الأمريكية الحالية، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب يواصل إصدار تهديدات نهائية بفرض رسوم جمركية، ثم يتراجع عنها. كما يريد البيت الأبيض خلق فرص عمل صناعية.

 

لكنه يلغي قانون خفض التضخم الذي كان يحقق ذلك تحديداً، خاصة في الولايات الجمهورية. ويريد سكوت بيسنت، وزير الخزانة، هيمنة للدولار، لكنه أشرف على انخفاض بنسبة 10%.. وهكذا دواليك.

 

ومع ذلك، إذا أردت أن تشعر بمزيد من الحيرة، فانظر إلى الأسواق. هذا الشهر، تُسعر سوق عقود المبادلة لمدة عام تخفيضات طفيفة في أسعار الفائدة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وهو ما يعني عادة انخفاض النمو والتضخم.

 

ومع ذلك، تشير أسعار الأسهم إلى تحسن الاقتصاد: فأسواق الأسهم الأمريكية عند مستويات قياسية، ويتوقع محللو «وول ستريت» استمرار المكاسب وسط توقعات أرباح قوية.

 

علاوة على ذلك، فإن ما يسمى بالأسهم الدورية (التي تستفيد من النمو) تتفوق بشكل ملحوظ على الأسهم الدفاعية، حسبما يشير تورستن سلوك، كبير الاقتصاديين في «أبولو»، مجموعة رأس المال الخاص.

 

ويؤكد ذلك بالقول: «هذا ليس متسقاً. إما أن سوق السندات على خطأ، ولذلك، يجب أن ترتفع أسعار الفائدة بسبب تسارع النمو. أو أن أسواق الأسهم على خطأ، ويجب أن تنخفض الأسهم بسبب تباطؤ النمو».

 

هذا أمر مؤسف، لماذا؟

 

هناك ثلاثة تفسيرات محتملة على الأقل. قد يكون أحدها مسألة «التاكو المزدوج» (فكرة أن ترامب دائماً ما يتراجع). وبشكل أكثر تحديداً، قد تُسعر أسعار الأسهم افتراضاً بأن تهديدات التعريفات الجمركية ستُخفف، وتُسعر أسواق السندات اعتقاداً بأن ترامب لن ينفذ بالفعل إجراءات توسيع الدين، مما يدفع المستثمرين إلى رفض سندات الخزانة.

 

هذا ليس من باب الجنون. لقد تراجع ترامب مراراً وتكراراً عن التعريفات الجمركية هذا العام، إلى جانب تهديداته بإقالة جيروم باول من منصبه كرئيس لمجلس الاحتياطي الفيدرالي.

 

وقد أُزيل مؤخراً ما يسمى بند المادة 899 الذي كان من الممكن أن يسبب هروب المستثمرين غير الأمريكيين من سندات الخزانة من «مشروع قانون ترامب الكبير والجميل».

ومن هنا جاءت تسمية «التاكو». لكن هناك تفسيراً بديلاً يمكن وصفه بفكرة «العبقرية المزدوجة». فهناك من المستثمرين من يعتقد بأن ترامب سينفذ خططه بالفعل، لكنها ستكون بارعة للغاية لدرجة أنها تحقق نمواً أعلى وأسعاراً أقل وديوناً أقل.. هكذا دفعة واحدة.

 

وبشكلٍ أكثر تحديداً، تصر شخصيات مثل كيفن هاسيت، المستشار الاقتصادي لترامب، على أن قانون ترامب الكبير والجميل سيعزز النمو، بينما يُخفض التضخم من خلال تحرير القيود الإجرائية وخفض أسعار الطاقة.

 

وعندما خفضت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني التصنيف الائتماني للولايات المتحدة بسبب ديونها البالغة 37 تريليون دولار (والآخذة في الارتفاع)، رفض بيسنت ذلك باعتباره «مؤشراً متأخراً وخاطئاً»، مجادلاً بأن الإيرادات سترتفع بسبب الرسوم الجمركية والنمو.

 

وفي غضون ذلك، يأتي بيسنت بحيل لتسهيل مزادات سندات الخزانة المُقررة بقيمة 9 تريليونات دولار خلال الأشهر الـ 12 المقبلة، مثل تقديم إصلاحات لتشجيع البنوك على شراء المزيد من السندات.

 

وترجيح إصدارات السندات قصيرة الأجل، بدلاً من طويلة الأجل. وهذا أمر مثير للسخرية، إذ انتقد فريق بيسنت سلفه جانيت يلين بشدة لفعلها ذلك تحديداً.

 

ويدرك بعض المستثمرين أن هذا تضليل، أو هكذا يبدون. ولا عجب في ذلك: إذ يقدر بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا نمو الناتج المحلي الإجمالي الحالي في الوقت الفعلي بنسبة 2.6%، كما لا يوجد حتى الآن سوى القليل من الأدلة على أن الرسوم الجمركية قد تسببت في زيادات كبيرة في الأسعار.

 

وبينما خفضت مؤسسات مثل البنك الدولي توقعاتها للنمو العالمي بسبب الرسوم الجمركية، تعتقد مجموعة أكسفورد إيكونوميكس أن معدلات الرسوم الجمركية الجديدة لهذا الأسبوع وضريبة النحاس بنسبة 50% لا تشكل سوى خطرٍ سلبي طفيف.

 

وفي الواقع، تعتقد المجموعة أن هذه الإجراءات ستضيف فقط 0.08 نقطة مئوية إلى التضخم الأساسي العام المقبل، وتخفض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 0.1% فقط، وسيتم تعويض هذا الأخير من خلال الدعم المالي الذي يقدمه مكتب تحسين الأعمال.

 

وهكذا، في حين أن مزيج اتفاقيات التجارة والتعريفات الجمركية المهددة سيدفع معدل التعريفة الجمركية الفعلي في الولايات المتحدة إلى ما يقرب من 20 % في 1 أغسطس، فإن هذا أقل من عتبة الركود لدينا، ومن هنا يأتي هدوء الأسواق.

 

وفي المقابل، هناك طريقة أخرى أكثر تشاؤماً لتفسير هذه المفارقة، وهي أنه من المستحيل ببساطة تقديم توقعات موثوقة - أو متسقة - الآن بسبب عدم وجود سوابق تاريخية حديثة لترامب، إلى جانب تأثيرات التأخر الزمني الضارة.

 

وإحدى أهم المشكلات في هذا السياق أن الشركات الأمريكية راكمت مخزونات ضخمة للتهرب من التعريفات الجمركية. هذا، إلى جانب مشكلة أخرى وهي أن الشركات «تعيد ترتيب» سلاسل التوريد المرتبطة بالصين.

كما يقول تقرير ماكينزي - وبينما يكون هذا سهلاً في بعض القطاعات (مثل القمصان والملابس)، إلا أنه صعب في قطاعات أخرى (مثل أجهزة الكمبيوتر المحمولة والألعاب النارية).

 

وبالمثل، على الرغم من أن بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس حذر مؤخراً من أن قيود الهجرة قد تقلل النمو بنسبة تتراوح بين 0.75 % - 1 % هذا العام، فإن توقيت حدوث ذلك غير واضح.

 

وهناك كذلك تأثير تخفيضات الإنفاق التي اقترحها ترامب (والتي ستطبق غالباً بعد انتخابات التجديد النصفي القادمة عام 2026)، ناهيك، عما إذا كانت تقلبات سياساته الجامحة ستدفع الشركات إلى تأجيل استثماراتها أو التكيف مع هذا الغموض (كما فعلت في نهاية المطاف خلال الجائحة). لننتظر إذن، فلربما يأتي المزيد من الوضوح عندما تُعلن الشركات الأمريكية عن أرباحها الأسبوع المقبل.