الأحد 1 يونيو 2025 - 02:16:01 م

الشركات الاستشارية الصغيرة تتحدى هيمنة «الأربع الكبرى»

الشركات الاستشارية الصغيرة تتحدى هيمنة «الأربع الكبرى»

دبي، الإمارات العربية المتحدة:

ماذا يفعل كبار المديرين بعد الوصول إلى أعلى المناصب في مؤسساتهم؟ بالنسبة إلى البيروقراطيين اليابانيين، الإجابة تكمن في مفهوم «أماكوداري»، أو «الهبوط من السماء»، وشغل مناصب مريحة في الشركات.

أما المديرون الأمريكيون، فتتوفر لديهم في الغالب فرص تنقل بين القطاعين العام والخاص. وعندما لا تتوفر أمامهم مثل هذه المسارات، يفضل المديرون التنفيذيون في مجال الخدمات المهنية، تأسيس مشاريعهم الخاصة.

وتُعد «يونيتي أدفايزوري» حديثة التأسيس، والتي تقدّم خدمات محاسبة واستشارات للعملاء من شركات الأسهم الخاصة في الأساس، مثالاً واضحاً على ذلك. فبداية، هناك حاجة إلى أفضل الكفاءات من أبرز المؤسسات. ومن بين هذه الكفاءات ماريسا توماس التي لم تحصل على فرصة لشغل منصب شريكة كبيرة لدى «بي دبليو سي»، بالمملكة المتحدة في العام الماضي.

أما رئيسها الجديد، ستيف فارلي، فكان يدير فرع شركة «إي واي» (إيرنست آند يونغ) في المملكة المتحدة طوال تسعة أعوام حتى عام 2020.

يأتي بعد ذلك دور الحديث عن جمع قدر كبير من المال. ويُعرف قطاع الأسهم الخاصة بنشاطه في مجال الخدمات المهنية.

ولذلك، دعم مؤخراً سلسلة الاستحواذات التي أجرتها «غرانت ثورنتون». كما جمعت «يونيتي» ما يصل إلى 300 مليون دولار من «واربورغ بينكوس».

وتتمثل الخطوة الثالثة ضمن أجندة بناء الشركات الصغيرة، في الانتقاد الهادئ لأسلوب عمل صاحب العمل العملاق السابق، سواء كانت شركة من الشركات الأربع الكبرى، أو بنكاً شهيراً، أو شركة محاماة ضمن «الدائرة السحرية».

ويتعيّن على هذه الشركات الإشارة إلى أن صغر حجمها يعني قضاءها وقتاً أطول مع عملائها، وتمتعها بفهم أفضل لهم، وليس إحالتهم إلى مستشارين أقل خبرة وشأناً، علاوة على تفادي تضارب المصالح. وهذا، باختصار، هو العرض الذي تقدّمه «يونيتي».

بموازاة ذلك، يشير تاريخ المصارف الاستثمارية المتخصصة إلى إقبال العملاء على هذا النوع من الأعمال. وحصلت ثلاثة مصارف استثمارية، هي «سنترفيو بارتنرز»، و«إيفركور»، و«لازارد»، في العام الماضي، على إيرادات من نشاط الدمج والاستحواذ، يفوق ما حصل عليه مصرف يو بي إس السويسري. وأبرمت «إيفركور»، التي أسسها روجر ألتمان، الذي عمل سابقاً لدى «ليمان براذرز»، ووزارة الخزانة الأمريكية، عدداً أكبر من الصفقات، مقارنة بمصرف «باركليز»، وفق بيانات «ديلوجيك».

وتقدّم عمالقة المحاسبة الأربع الكبرى المُثقلة بسلسلة من الفضائح، فرصة مواتية وجاهزة لشركات المحاسبة والاستشارات الصغيرة والمستقلة. وينطبق هذا على وجه الخصوص، عند تقديم نموذج الشراكة الذي يوفّر حافزاً لشركاء اليوم، ليواصلوا تقاسم الأرباح، بدلاً من الاستثمار على المدى الطويل. تمتلك شركات الاستشارات المتخصصة، مثل المصارف أو مكاتب المحاماة، فرصة لكسر القوالب النمطية.

ويمكن أن يكون ذلك مرتبطاً بنوع العملاء الذين يقدمون الخدمات إليهم، أو نوعية الخدمات المُقدّمة، أو أساليب التوظيف والتسعير. وعلى سبيل المثال، تمارس شركات الاستشارات ضغوطاً من أجل الحصول على حصة من القيمة الإضافية المتحققة من خلال مشروع ما. وقد تكون مواءمة الحوافز سليمة من حيث المبدأ، إلا أن مراقبة الأمر مُعقّدة، وليس هناك من قصص نجاح كثيرة في هذا الصدد.

وغالباً ما تكون الشركات الأذكى أكثر جاذبية للموظفين أيضاً، بما أن معظم الأشخاص، سواء كانوا أطباء أو مستشارين إداريين، يرغبون في قضاء أوقاتهم في أداء وظائفهم الحقيقية، بدلاً من شق طريقهم عبر المهام الإدارية.

ومع ذلك، فقد ازدادت صعوبة التعامل مع القطاع ككل. ولعل الذكاء الاصطناعي يقوم بالفعل بأغلبية الأعمال الشاقة، ويذهب الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى أداء مهام أكثر من ذلك.

وتجدر الإشارة إلى أن المنافسة هي أيضاً في طور الاحتدام. وفي عالم تمتلك فيه شركات الأسهم الخاصة النقد، فلم يعد المستشارون الإداريون هم الوحيدون القادرون على الذهاب إلى شركة ما، وتسريح عُشر قوتها العاملة.