الجمعة 3 أكتوبر 2025 - 03:43:04 ص

مع اندفاع الشركات وراء الذكاء الاصطناعي.. كيف يبدو دور المساهمين؟

مع اندفاع الشركات وراء الذكاء الاصطناعي.. كيف يبدو دور المساهمين؟

دبي، الإمارات العربية المتحدة:

عبر الجميع عن الإعجاب بصفقة «أوبن أيه آي» و«انفيديا» يوم الاثنين الماضي. ويبدو أنه يكفي لأحدهم نقش كلمة «الذكاء الاصطناعي» على عمود إنارة هذه الأيام لتقدر قيمته على الفور بالملايين. لكن كلما فكرت أكثر في خطة الشركتين لبناء 10 غيغاواط من قوة الحوسبة، زاد قلقي من فقدان المستثمرين لسيطرتهم.


ومن الواضح أن الأرقام الضخمة لم تعد تؤخذ في الاعتبار، بل وبات ترك الأمور في كثير من الغموض والظلام أمراً طبيعياً. كما أن الضوابط والتوازنات صارت شبه معدومة. وأحد الانتقادات الموجهة للصفقة هو أنها تبدو جزءاً من آلة دائمة الحركة ولا تتوقف، حيث تستثمر «إنفيديا» ما يصل إلى 100 مليار دولار في «أوبن ايه آي» حتى تتمكن الأخيرة من شراء المزيد من رقائق الأولى.


ومع ذلك، فإن الإنفاق بسخاء من أجل النمو أمر شائع - مهما كان غير مستساغ بالمرة. وقد استثمرت شركات سامسونغ، وإنتل والشركة التايوانية لصناعة أشباه الموصلات في شركة «ايه إس إم إل» لتسريع تطوير الطباعة الحجرية بهدف تعزيز الطلب على منتجات هذه الشركات. كما تمول شركتا أمازون ونتفليكس الاستوديوهات التي تنتج محتوى لهما. ويدعم كذلك عمال المناجم المصافي لضمان الشراء.


بالنسبة لي، فإن مشكلتي الرئيسية مع الصفقة هي حجم الأموال المرتبطة بها، نظراً لأن مساهمي «إنفيديا» علموا بها من خلال بيان صحفي تم تقديمه كأمر واقع. بالطبع، تتم عملية مبادلة النقد بالأسهم على دفعات متقطعة مع تواصل بناء الطاقة الإنتاجية.


ولكن للتوضيح، فإن 100 مليار دولار تصنف كصفقة ضخمة وفقاً لأي معيار كان. ولا يهمني أن القيمة السوقية لشركة إنفيديا تزيد على 40 ضعف حجم أموال الصفقة. وقد يعادل المبلغ الأسهم العادية في ميزانيتها العمومية. وإذا تم دفعه، فإنه أقرب إلى عائد توزيعات أرباح بنسبة 2.3 %.


لكن ألا ينبغي أن يكون لحاملي الأسهم تصويت صريح على مثل هذه النفقات، ناهيك عن صفقة قيل إنها استراتيجية للغاية؟ معظم واضعي القواعد حول العالم لا يعتقدون ذلك، ففي حين يجب سؤال المساهمين عما إذا كانت فرق الإدارة ترغب في القيام بأشياء مثل إجراء عملية استحواذ كبيرة أو التنازل عن السيطرة، فلا حاجة للتصويت على النفقات الرأسمالية والاستثمار، مهما كان ضخماً. ويحتاج مجلس الإدارة فقط إلى الموافقة. وبطبيعة الحال، هناك استثناءات: إذا كان إصدار كبير للأسهم مطلوباً، على سبيل المثال.


أو عندما يكون الاستثمار في الواقع اندماجاً عكسياً. والسبب الثالث الذي ينظر إليه المساهمون أحياناً - وهو السبب الذي لفت انتباهي في صفقة «انفيديا» و«أوبن ايه آي»- وهو ما إذا كانت الصفقة مع طرف ذي صلة.


وتختلف القوانين باختلاف الولاية القضائية، ولكن معايير المحاسبة تتفق عموماً على أن معاملة الطرف ذي الصلة تكون بين أي طرفين حيث توجد علاقة شخصية أو مالية أو علاقة سيطرة. بمعنى آخر، شركتان تشتركان في المديرين أنفسهم أو المديرين التنفيذيين أو المساهمين الرئيسيين (أو أفراد الأسرة المقربين).


ويمكن أن تكونا مرتبطتين أيضاً إذا كانت إحداهما تسيطر على الأخرى بطريقة ما. ويمكن أن ينطبق التعريف أيضاً على المشاريع المشتركة. ونظراً لتضارب المصالح المحتمل، يبدو من الواضح ضرورة طرح مثل هذه الصفقات على المساهمين إذا كانت كبيرة بما يكفي.


ولا يكفي الحصول على موافقة مجلس الإدارة. لذلك، في دول مثل بريطانيا وأستراليا، تتطلب معاملات الأطراف ذات الصلة التي تتجاوز حجماً معيناً موافقة المساهمين. أما في الولايات المتحدة، فلا ينطبق الأمر نفسه. وبالنسبة للشركات المدرجة في بورصتي نيويورك وناسداك، كل ما هو مطلوب هو مراجعة لجان التدقيق التابعة لها أو أي مجموعة مستقلة أخرى من المديرين لمعاملات الأطراف ذات الصلة «بشكل مستمر». لكن من المؤكد أن المساهمين يجب أن يكون لهم رأي في أكبر مشروع حوسبة في التاريخ، حسبما وصفه الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا، جنسن هوانغ، منذ أيام.


ويبدو لي هذا الأمر كذلك تماماً، فأكبر الشركات العامة والخاصة في العالم لا تتحكم في الأخرى، على هذا النحو. ولكن، يا لها من صلة قرابة، فقد قال جريج بروكمان، المؤسس المشارك ورئيس شركة «أوبن ايه آي»: «لقد عملنا بشكل وثيق مع إنفيديا منذ البداية».


وفي الواقع، قام هوانغ بنفسه بتسليم أول نظام «دي جي إكس» «لتسريع عمل الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق» لشركة «أوبن ايه آي» منذ ما يقرب من عقد من الزمان، كما أن الشركتين تصفان الصفقة بأنها شراكة «تاريخية»، على الرغم من أننا لا نعرف حتى الآن هيكلها.


وبالنظر إلى قواعد الأطراف ذات الصلة، يمكنك المراهنة على أنه لن يكون مشروعاً مشتركاً رسمياً. ولذلك، يحق للمساهمين، بالطبع، مقاضاة مجلس الإدارة إذا شعروا بالظلم أو خوض معركة بالوكالة لاستبدال المديرين. ولكن طالما استمرت أسعار الأسهم في الارتفاع - وقد ارتفعت أسهم إنفيديا بنسبة 4 % عند الإعلان - فأعتقد أن المستثمرين لن يجأروا بالشكوى حتى لو كانت هذه الصفقة المريحة تقلقهم إلى حد ما.


وعلى نطاق أوسع، أتساءل عما إذا كانت قواعد الأطراف ذات الصلة الأمريكية لا تزال مناسبة للغرض بالنظر إلى الترابط بين نظام الذكاء الاصطناعي الجديد. وعلى الأقل تبقى «أوبن ايه آي» شركة خاصة، لكن ماذا عن مساهمي «مايكروسوفت»، الذين من المقرر أن يمتلكوا حوالي 30% من الشركة المصنعة لـ «شات جي بي تي» عندما تطرح أسهمها للاكتتاب العام في النهاية؟ أو مساهمي «سوفت بنك» و«أوراكل»؟


إن مشروع ستارجيت الذي يدعمونه هو استثمار بقيمة 400 مليار دولار أو ما يقرب من نصف تريليون دولار! هذا مبلغ كبير جداً بالنسبة للمستثمرين لقبوله على أساس الثقة وحدها.