الجمعة 10 أكتوبر 2025 - 10:28:33 ص

لماذا عادت شركات صناعة السيارات إلى شغفها بالبنزين؟

لماذا عادت شركات صناعة السيارات إلى شغفها بالبنزين؟

دبي، الإمارات العربية المتحدة:

على الرغم من استثمار مليارات الدولارات في السيارات الكهربائية، إلا أن شريحة كبيرة من صناعة السيارات التقليدية تتكيف بسرعة - وبكل سعادة - مع واقع جديد يتمثل في عمر أطول لمحركات الاحتراق الداخلي.

 

ويرى جيم فارلي، الرئيس التنفيذي لشركة فورد، هذا التحول بأنه «فرصة بمليارات الدولارات»، بينما تراهن منافستها جنرال موتورز بمبلغ 900 مليون دولار على مستقبل محرك V8 أنظف يمكن استخدامه في الشاحنات التي تعمل بالبنزين والهجينة وسيارات الدفع الرباعي.

 

ومع ذلك، يحذر المحللون من أن هذا التحول ينطوي على مخاطر كبيرة بالنظر إلى الصعود السريع للصين في مجال السيارات الكهربائية.

 

ويأتي إعادة التركيز على سيارات البنزين والسيارات الهجينة، التي تستخدم محركات الاحتراق الداخلي، في ظل تباطؤ الطلب على السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة بعد أن ألغى الرئيس دونالد ترامب الإعفاءات الضريبية على مشتريات السيارات الكهربائية واقترح إلغاء القواعد المتعلقة بانبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

 

وفورد وجنرال موتورز ليستا وحدهما في هذا المجال، فقد أعادت ستيلانتيس أيضاً إحياء محرك هيمي V8 في شاحنات رام الخفيفة وسيارة دودج تشارجر بمحرك بنزين.

 

وخفضت شركة هوندا اليابانية إنفاقها المستقبلي على السيارات الكهربائية وأجلت استثماراً بقيمة 11 مليار دولار في مصنع للسيارات الكهربائية والبطاريات في كندا لمدة عامين، بينما أعلنت هيونداي الكورية الجنوبية مؤخراً عن خطط لشاحنة بيك أب متوسطة الحجم جديدة في الولايات المتحدة.

 

وحتى في أوروبا والمملكة المتحدة، يمكن أن يحدث تحول واضح رغم ارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية هذا العام لتمثل 20 % من عمليات التسجيل الجديدة في أغسطس، وفقاً لرابطة مصنعي السيارات الأوروبيين.

 

وتُجري بروكسل وصناعة السيارات «حواراً استراتيجياً»، حيث يدعو المسؤولون التنفيذيون في قطاع السيارات الأوروبي إلى تخفيف الحظر المفروض على محركات البنزين بحلول عام 2035، للسماح بدور أكبر لتقنيات أخرى، مثل السيارات الهجينة.


وهكذا، فإن الصين فقط هي التي انطلقت بقوة في مسيرة تحولها الأخضر بالسيارات الكهربائية، والتي من المتوقع أن تتفوق مبيعاتها على السيارات العاملة بالبنزين سنوياً لأول مرة هذا العام.

 

بالنسبة لصناعة تُعاني من ضغوط ارتفاع تكاليف حرب التعريفات الجمركية التي شنها ترامب، والمنافسة الشرسة التي تُمثلها السيارات الكهربائية الصينية بأسعار معقولة، فإن إطالة عمر البنزين في سوقها الأكثر ربحية لم يكن ليأتي في وقت أفضل من هذا.

 

ورغم الانخفاض الأخير في أسعار البطاريات، فإن السيارات الكهربائية أقل ربحية من نظيراتها التي تعمل بالبنزين، مع هوامش أعلى لشاحنات البيك أب وسيارات الدفع الرباعي كبيرة الحجم.

 

وفيما سجلت فورد العام الماضي خسارة تشغيلية بقيمة 5 مليارات دولار في أعمالها في مجال السيارات الكهربائية، فإنها حققت في المقابل 5.3 مليارات دولار من قسم محركات الاحتراق الداخلي.


وقد خفضت شركة أليكس بارتنرز توقعاتها لمبيعات السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة إلى النصف تقريبًا، وتتوقع الآن أن تُشكل السيارات الكهربائية الخالصة 7 % من مبيعات السيارات في عام 2026، مع نسبة 68 % للسيارات العاملة بالبنزين و22 % للمركبات الهجينة.


وحتى في عام 2030، من المتوقع أن تُشكل السيارات الكهربائية 18 % فقط في الولايات المتحدة - وهي نسبة أقل بكثير من 40 % في أوروبا و51 % في الصين.

 

ومن بين الخاسرين القلائل من هذا التراجع في البيئة التنظيمية الأمريكية، شركات متخصصة في السيارات الكهربائية مثل تسلا، التي حذرت الأسبوع الماضي من أن التغييرات في قواعد الانبعاثات «ستحرم المستهلكين من خيارات وفوائد اقتصادية واسعة. كما ستؤثر سلباً على صحة الإنسان».

 

ومن الخاسرين أيضاً شركة بورشه الألمانية لصناعة السيارات الرياضية، التي توقعت مؤخراً خسارة 1.8 مليار يورو في أرباحها التشغيلية السنوية نتيجة تكاليف توسيع نطاق سياراتها العاملة بالبنزين والسيارات الهجينة، بعد أن أدى تحولها الجذري إلى السيارات الكهربائية إلى نتائج عكسية.


وتوقع جوزيف مكابي، رئيس شركة أوتو فوركاست سوليوشنز بالقول: «لن نشهد نهاية محركات الاحتراق الداخلي في حياتنا».

 

وأشار أوليفر زيبسي، الرئيس التنفيذي لشركة بي إم دبليو، إلى أن بي إم دبليو وتويوتا هما الأكثر التزاماً بالنهج «متعدد المسارات» لتحقيق الحياد الكربوني. وصرح زيبسي مؤخراً بأن شركة صناعة السيارات لطالما اتبعت «استراتيجية مرنة»، لافتاً إلى أن تجاهل الطلب المستمر على سيارات البنزين «خطأ».

 

ورغم فاتورة التعريفات الجمركية السنوية المقدرة بـ 1.4 تريليون ين (9.3 مليارات دولار)، فقد أسهمت المبيعات القوية للسيارات الهجينة في الولايات المتحدة في دفع مبيعات تويوتا العالمية إلى مستوى قياسي في الأشهر الثمانية الأولى من العام، حيث ارتفعت بنسبة 6.2 % لتصل إلى 7.4 ملايين وحدة.

 

وشكلت السيارات الهجينة حوالي 40 % من المبيعات، وكان مخزون الولايات المتحدة من هذه المركبات يكفي لخمسة أيام فقط حتى مايو - وهو أقل بكثير من متوسط الصناعة. وصرح كوجي ساتو، رئيس تويوتا، في مايو: «بالنسبة لمركبات محركات الاحتراق الداخلي، فإننا نواصل تحسين تقنياتنا الأساسية».

 

في المقابل، فإن وجهة النظر من الصين، أكبر سوق للسيارات في العالم الآن، مختلفة تماماً. ولذلك، يحذر المحللون من مخاطر كبيرة لقيام شركات صناعة السيارات التقليدية، وخاصة المجموعات الأمريكية، بإبطاء وتيرة التحول إلى السيارات الكهربائية والعودة إلى التركيز على محركات البنزين.