الأحد 23 نوفمبر 2025 - 10:32:31 ص

صانعة الطموحات.. دبي تدفع بالأعمال إلى العالمية

صانعة الطموحات.. دبي تدفع بالأعمال إلى العالمية

دبي، الإمارات العربية المتحدة:

تتسارع وتيرة تحول دبي من مركز أعمال إقليمي إلى أحد أكثر مراكز الشركات الناشئة ديناميكية في العالم، وتمتد آثار هذا التحول إلى ما هو أبعد من منطقة الخليج. ومع تقارب رأس المال والمواهب والدعم التنظيمي بوتيرة متسارعة، لم تعد المدينة تجذب رواد الأعمال فحسب، بل تُمثل أيضاً نقطة انطلاق دولية لدخول أسواق خارجية جديدة.
 


بعد مشاركتهم في منتدى دبي للأعمال الأسبوع الماضي في نيويورك، والذي نُظم بالشراكة مع غرفة التجارة الأمريكية ومجلس الأعمال الأمريكي الإماراتي، شارك ثلاثة رواد أعمال من دبي بعض الأفكار حول رحلات توسعهم العالمي المزدهرة.

 

أسواق الضيافة الخارجية

تُقدم شركة البرمجيات «سوبي»، منصة برمجيات لإدارة المطاعم، وقد أسسها رائد الأعمال في مجال الضيافة داني الزين، نتيجةً لشعوره بالإحباط.

 


يقول: «كنت أدير مطعمي الخاص وأواجه صعوبة في التحكم في كلفة الطعام، بفضل خبرتي في التكنولوجيا التي اكتسبتها من شركة لوجستية معتمدة على التكنولوجيا عملت بها سابقاً، بدأتُ في بناء تطبيق لمطعمي لحل مشكلة كلفة الطعام، وهنا أثبتت دبي أنها نقطة الانطلاق المثالية».


تركز الشركة الناشئة على الأسواق الناطقة باللغة الإنجليزية، حيث تكون احتياجات التوطين ضئيلة، والسوق المُجهزة كبيرة بما يكفي لدعم التوسع الكبير، ويشمل ذلك اليوم منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والمملكة المتحدة، وأستراليا، ومن المقرر أن تنطلق هونغ كونغ الشهر المقبل (ديسمبر).


يقول الزين: «تُعدّ دبي من أنشط أسواق الضيافة في العالم، بتوقعات عالية من العملاء، وعمليات سريعة، ومأكولات متنوعة، وهوامش ربح ضيقة». تقع جميع هذه الأسواق ضمن نطاق زمني يتراوح بين خمس وست ساعات. يتيح لنا التوقيت المركزي للمدينة الوصول الفوري إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بأكملها، إضافة إلى المملكة المتحدة وأستراليا وآسيا، ما يسمح لنا بدعم قارات متعددة في الوقت الفعلي من مقر رئيسي واحد في دبي.


تتشارك «سوبي» أيضاً، منظومة الشركاء نفسها في جميع أنحاء هذه المناطق، لاسيما مع كبار مزودي خدمات نقاط البيع، ما يوفر مزايا تكامل وتوزيع فورية. ولأن العديد من مجموعات المطاعم تعمل في هذه المناطق الجغرافية، بما في ذلك العلامات التجارية التي أُطلقت في دبي وتتوسع الآن دولياً، فإن الشركة تتواءم مع سير عملها دون أي تكيف يُذكر، ما يجعل توسعها سريعاً وفعالاً وقابلاً للتوسع بدرجة كبيرة.


المشكلة الكبيرة الوحيدة التي واجهها الزين، هي أن هذه المنظومة لا تزال في طور النضج، وأن الوصول إلى رأسمال كبير في المراحل المبكرة لا يزال أكثر محدودية مما هو عليه في الأسواق الغربية. لكن هذا القيد، كما يوضح، حسّن من أداء «سوبي». لقد أجبرنا على أن نكون أكثر انضباطاً وكفاءة وإبداعاً في التنفيذ، ما كان يمكن أن يكون تحدياً أصبح ميزة تنافسية.

تحويل تمويل العقارات

تعتبر شركة «هَسْبي»، شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا العقارية تتخذ من دبي مقراً لها، وتُعيد تعريف تجربة شراء المنازل، لاسيما فيما يتعلق بالرهون العقارية والمعاملات العقارية. مؤسسها جاد أنطون، ليس غريباً على هذا القطاع، فقد انغمس في مجال العقارات منذ نعومة أظفاره.


يقول: «نشأتُ في لبنان وكنتُ محاطاً بأصدقاء أسست عائلاتهم شركات في مجال المقاولات والتطوير. سرعان ما اتضح لي أنه حتى في ظل اقتصاد متعثر، يُمثل قطاع العقارات فرصةً هائلة».


عندما تعلّق الأمر بتأسيس «هَسْبي»، كانت دبي خياره الأمثل، بفضل موقعها كمركز عالمي للابتكار وريادة الأعمال، وبيئتها التنظيمية المُشجعة للأعمال. ويضيف أنطون: «إنه مكان مثالي لبناء شركة ذات طموحات عالمية».


تسعى الشركة التي تركز على منطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، إلى بناء شركة عقارية رائدة في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا. تُمثل كلتا المنطقتين فرصاً هائلة؛ فهما مجزأتان، وتُهيمن عليهما جهات تقليدية عفا عليها الزمن، ومستعدتان للتغيير الجذري.


ويضيف أنطون: «نعتقد أن نموذج «هسبي»، الذي يجمع بين التكنولوجيا والشفافية، وتمكين المتخصصين في العقارات، هو الحل الأمثل لهذه الأسواق». ويضيف: «نعمل حالياً في دولة الإمارات وإسبانيا والسعودية، في 10 مدن، وهدفنا هو التوسع إلى 100 مدينة في السنوات المقبلة».

فرص الاستثمار العقاري

تتيح شركة «ستيك»، المتخصصة في التكنولوجيا العقارية/التكنولوجيا المالية، ومقرها دبي، للمستثمرين الأفراد شراء أجزاء من العقارات (بدلاً من شراء عقارات كاملة)، ما يوفر لهم فرصة الاستثمار في عقارات مميزة ومدرة للدخل في دولة الإمارات.


يقول المؤسس رامي طبارة: «لقد لاحظنا مدى حيوية سوق العقارات في دبي، ومع ذلك، مدى محدودية الوصول، فقررنا سد هذه الفجوة من خلال التكنولوجيا. منحنا الانطلاق من دبي ميزةً هائلة. إن عقلية المدينة القائمة على الابتكار، والجهات التنظيمية الداعمة، والتواصل العالمي، هيأت البيئة المثالية لبناء منصة تكنولوجيا مالية ذات جذور إقليمية وطموحات عالمية».


ينصبّ تركيز الشركة حالياً على التوسع في الأسواق العالمية الرئيسية التي تتمتع برغبة قوية من المستثمرين ونضج تنظيمي، بدءاً من السعودية، التي يصفها طبارة بالخطوة التالية الطبيعية.


ويقول: «إنه سوق يشهد تحولاً هائلاً، مع توافق قوي بين رؤيتنا وجهود المملكة، لتحقيق الشمول المالي وشفافية السوق العقاري. لقد عملنا هناك منذ أقل من عام، لكوننا المنصة الرقمية الوحيدة، التي تُمكّن المستثمرين الدوليين من المشاركة في نمو هذه الدولة الاستثنائية. كما أطلقنا مؤخراً أول فرصة استثمارية لنا في الولايات المتحدة، وهي مستودعات لوجستية توفر دخلاً ثابتاً من الإيجار لمستثمرينا».


لقد منحنا وجودنا في دبي ميزة استراتيجية كبيرة، بفضل مزيجها الفريد من اللوائح التنظيمية عالمية المستوى، والبنية التحتية المتطورة تكنولوجياً، وقاعدة المستثمرين العالمية. يقول طبارة: «إنها من الأماكن القليلة التي يمكن فيها لشركة ناشئة أن تعمل بمصداقية مركز مالي ومرونة سوق ناشئة».


ومثل أي شركة ناشئة سريعة النمو، واجهت ستيك تحديات عديدة، بدءاً من التعامل مع اللوائح التنظيمية المعقدة في مختلف الأسواق، وصولاً إلى تثقيف المستثمرين حول طريقة جديدة لامتلاك العقارات. والدرس المستفاد هو أن بناء الثقة بفئة أصول محافظة تقليدياً يتطلب وقتاً وجهداً واستمرارية.


ويقول طبارة: «لقد تعلمنا أيضاً في وقت مبكر أن التوسع المسؤول أهم من التوسع السريع، فلكل سوق خصائصه الخاصة، وكان تخصيص الوقت للتوافق مع الجهات التنظيمية، وبناء المصداقية عاملاً أساسياً في نجاحنا على المدى الطويل، وبالنظر إلى الماضي، ساعدت تلك العقبات المبكرة على تشكيل «ستيك» لتصبح شركة أكثر انضباطاً ومرونة».


ستركز المرحلة التالية من رحلة توسع أعمال «ستيك» العالمية على النطاق والعمق، والتوسع إلى ما هو أبعد من الملكية الجزئية، ليُتيح للمستثمرين الوصول إلى العقارات بالكامل من خلال «ستيك وان»، والتحضير لإطلاق المزيد من صناديق العقارات الأمريكية التي تفتح آفاقاً عالمية لمستخدميها.