الأربعاء 26 نوفمبر 2025 - 07:14:57 م

السوق الكبيرروح دبي الأصيلة تسكن الأزقة الضيقة

السوق الكبيرروح دبي الأصيلة تسكن الأزقة الضيقة

دبي، الإمارات العربية المتحدة:

في قلب دبي القديمة، وعلى ضفاف خورها العتيق، ينبض السوق الكبير بحياة متواصلة منذ القرن الـ19، حين كانت دبي تعتمد على تجارة اللؤلؤ واستقبال البضائع على متن السفن الخشبية القادمة من شبه القارة الهندية وإفريقيا، وكان عام 1850 هو البداية الفعلية للسوق الكبير في ديرة، حين أسس التجار محالهم الأولى على ضفاف الخور، ليصبح السوق مركزاً تجارياً نابضاً بالحياة، وشاهداً على بدايات تحوّل دبي إلى مدينة تجارية مزدهرة.

 

مع مرور العقود، شهد السوق الكبير توسعاً مهماً في عام 1935، حيث توسّعت المحال، وأصبحت الأزقة أكثر تنظيماً، لتواكب الزيادة الكبيرة في الحركة التجارية، وتعكس روح المكان المتعدد الثقافات الذي أصبح جزءاً من هوية دبي منذ بدايات القرن الماضي.

يمتد السوق الكبير في ديرة على الضفة الشرقية للخور، بينما يقع سوق بر دبي في حي الفهيدي التاريخي، بالقرب من قلعة دبي ومتحفها، ما يجعل تجربة الزائر تجمع بين التسوّق واكتشاف التاريخ العميق للمدينة، البنية المعمارية للسوق تحافظ على التراث: الجدران مرصوفة بالأحجار المرجانية، والأسقف خشبية مشدودة بعناية، والأبراج الهوائية التقليدية (البرجيل) تهوّي الأزقة وتزينها كما كانت منذ عقود.

وعند أولى خطوات الزائر، يشعر كأنه عاد بالزمن إلى القرن الـ19؛ رائحة التوابل تتخلل الهواء، حيث تعرض محال «الدويّات» أكثر من 80 نوعاً من الأعشاب والبهارات، ممتزجة بعطور العود والبخور، لتخلق تجربة حسية تأخذ المرء في رحلة عبر التاريخ، حيث كان السوق نقطة محورية لتجارة التوابل والأقمشة والمجوهرات، وبينما تتلون الأزقة الضيقة بنقوش الأقمشة التقليدية، والمخاوير، والثياب العربية، تمتد محال الأدوات المنزلية والمطبخية والنحاسية، لتعكس الحياة اليومية القديمة في دبي.

ومع اقتراب الزائر من محال الذهب والمجوهرات تتلألأ الحلي والأساور في الواجهات، لتذكّره بأن السوق الكبير كان مركزاً لتجارة الذهب منذ عقود طويلة، الزوّار من مختلف الجنسيات يتجولون جنباً إلى جنب مع المواطنين والمقيمين، ويتبادلون الحديث والمساومة، تماماً كما كانت الحال منذ بدايات القرن الـ20، ليبقى السوق مساحة للتعايش الاجتماعي والتفاعل بين الثقافات.

السوق الكبير ليس مجرد مكان لتبادل البضائع، بل سجل حي لتاريخ دبي، وملتقى الثقافات، ومنصة للتفاعل بين الماضي والحاضر، حيث يمكن لكل من يخطو في الأزقة الضيقة أن يلمس عبق التاريخ ويعيش روح دبي الأصيلة، كما عاشها التجار والزوّار منذ منتصف زمن بعيد وحتى اليوم، في مشهد حي يجمع بين الأصالة والحداثة والتنوع البشري والثقافي.

وتتوالى المحال في السوق، ليروي كل واحد منها قصة مختلفة، حيث تتوزع الأدوات والمنتجات التي تحمل عبق التاريخ، كما الحال في النحاسيات القديمة والملاعق الخشبية المصنوعة يدوياً، وكذلك الوسائد التقليدية التي تتكدس بألوان دافئة، فيشعر الزائر كأنه دخل بيتاً عربياً قديماً محاطاً بنقوش الماضي وروائح البخور والبهارات.

مع اقتراب الزائر من نهاية السوق الكبير، يشعر وكأنه أتم رحلة عبر الزمن؛ فهو ليس مجرد مكان للتسوّق فقط، بل تجربة حسية وثقافية، وسجل حي لتاريخ التجارة والتعايش، حيث يمكن لكل من يزور المكان أن يعيش تجربة دبي الأصيلة، ويشعر بعبق التاريخ في كل خطوة يخطوها في الأزقة الضيقة.


تطوير

خلال العام الجاري، شهد السوق الكبير تطوراً مهماً، مع مشروع تراثي لتطوير ثلاثة مسارات داخل الأسواق التراثية في ديرة، بطول 1784 متراً.

وشملت التحسينات ترميم الأرصفة، وتركيب مظلات تقليدية، وتحسين الإضاءة، وتجديد العناصر التراثية باستخدام الصاروج التقليدي، لتدمج الأصالة مع الحداثة وتمنح الزائر تجربة سلسة ومريحة.

. 1850 العام الذي شهد البداية الفعلية للسوق الكبير في ديرة.

. 1935 شهد السوق توسعاً مهماً، لتتوالى بعدها التحسينات.

. السوق الكبير ليس مجرد مكان للتسوّق، بل إنه يُعدّ تجربة حسية وثقافية، وسجلاً حياً لتاريخ التجارة والتعايش في دبي.

. مع اقتراب الزائر من محال الذهب والمجوهرات، تتلألأ الحلي والأساور في الواجهات.