الخميس، 04 ديسمبر 2025

دبي، الإمارات العربية المتحدة:
تجربة فنية فريدة تمزج بين التصميم والغرافيك والفن المعاصر، برزت في المشهد التشكيلي المحلي، بطلتها الفنانة الإماراتية الشابة، شما آل علي، التي استطاعت أن تبتكر لنفسها هوية بصرية خاصة، تجمع بين الدقة الهندسية واللمسة الحسية، وبين المسامير والخيوط والجلد، التي تعيد بها شما آل علي تعريف مفهوم اللوحة التشكيلية من منظور جديد يجمع بين الفن والحرفة.
بالاعتماد على دراستها الأكاديمية المعمقة، والخبرة التي اكتسبتها مع الوقت، انطلقت الفنانة آل علي في مجال فني فريد لتحول الأدوات البسيطة، إلى لغة بصرية تنطق بالإبداع، تمزج فيها بين العمل اليدوي والتقنيات الرقمية الحديثة لتكرس رؤيتها الفريدة في لوحات تشكيلية معاصرة تجمع بين الأصالة والابتكار، في الوقت الذي تعكس تجربة لوحات آل علي، حساً تصميمياً دقيقاً وتفانياً واضحاً في تشكيل مختلف التفاصيل، إلى جانب مشهديتها الحية التي تعج بالوجوه والملامح والرموز الوطنية التي تنبض بروح «المكان» وذاكرة «الزمان» الإماراتي.
تفاصيل الأشياء
في مستهل لقائها بـ«الإمارات اليوم»، توقفت شما آل علي، عند بدايات موهبتها الفنية أيام الطفولة عندما كانت ترسم بقلم الرصاص والألوان المائية والزيتية، لتجد بعد ذلك في دراستها الأكاديمية في جامعة زايد ضالتها وتتخرج منها في عام 2025، حاملة درجة البكالوريوس في مجال التصميم الغرافيكي، الذي فتح لها بوابة جديدة نحو عوالم التجريب، قائلة: «من خلال مساري الدراسي دخلت بوابة الفن التشكيلي المعاصر، وانحزت نحو فنون المسامير والخيوط المعروف أيضاً باسم (فن الفيلوغرافيا)، وقد بدأ الأمر كهواية شخصية قبل أن يتحول إلى مسار فني مستقل قدمته بأسلوبي الخاص وبرؤى فنية مغايرة».
وأوضحت شما أن ما تقدمه لا يندرج تحت فن الغرافيك التقليدي، بل هو فن تشكيلي يعتمد على أدوات ملموسة، قائلة: «كلاهما مختلفان، فقد درست (الغرافيك) لخمس سنوات، لكن فن المسامير والخيوط بدأ من القلب كهواية، ليتطور من رسم الحروف والأرقام والجمل إلى وجوه الناس، التي تعلمتُ مع الوقت ضبط تفاصيلها وإتقان أشكالها، فيما أتبع منهجاً دقيقاً في تنفيذ لوحاتي، لأبدأ بالتصميم الرقمي، ثم أنقلها إلى قطعة خشب مغطاة بالجلد، أضع عليها المسامير وفقاً للنموذج المرسوم، وصولاً إلى مرحلة ربط الخيوط لتكتمل اللوحة».
لوحات لا تُنسى
تحمست شما آل علي في الحديث عن أولى لوحاتها المعروضة للجمهور، وهي لوحة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، التي طرحتها في جامعة زايد بمناسبة عيد الاتحاد، العام الماضي، واصفة هذه التجربة بالقول: «لاقت هذه التجربة المباشرة أمام الجمهور، الإعجاب الكبير، حيث أحب الناس رؤية تقنياتها وتحمسوا لمعرفة كيفية وضع الخيوط والمسامير لتنفيذها»، مشيرة إلى صعوبة تنفيذ بعض هذه التقنيات التي تستوجب منها جهداً ووقتاً متفاوتاً، مؤكدة: «تستغرق اللوحة الواحدة من أسبوع إلى شهر بحسب حجمها وتفاصيلها، فيما يتطلب العمل عليها ما يقارب خمس ساعات يومياً».
وفي ما يتعلق بأبرز إنجازاتها الحالية، توقفت الفنانة التشكيلية شما آل علي، عند تجربة أحد لوحاتها الكبيرة بمساحة متر ونصف، حملت شعار أحد النوادي الرياضية في منطقة «سيتي ووك» بدبي، ولوحة بالمسامير والخيوط لشعار نادي العين الرياضي، إلى جانب ذلك، وضمن المخيم الصيفي للأطفال، أشرفت شما على تقديم ورشة تدريبية بعنوان «ورشة المسامير والخيوط» لنحو 80 طالباً وطالبة، لتعليمهم مبادئ وتقنيات هذا الفن الجديد، مضيفة: «شاركت هذا العام في معرض فرجان دبي بلوحة ترمز إلى المكان، عكست فيها بعض تفاصيل بيئتنا المحلية مثل شجرة الغاف والكثبان الرملية الساحرة لصحرائنا، كما أتيحت لي هذا العام فرصة المشاركة في معرض أبوظبي للصيد والفروسية وتقديم نحو 10 لوحات فنية، أنجزت واحدة منها مباشرة أمام الجمهور لإطلاعه عن كثب على أسلوب عملي الفني».
لوحات ورسائل
في معرض حديثها عن أهم اللوحات التي قدمتها للجمهور، توقفت شما آل علي عند مجموعة من الأعمال الفنية الفارقة في مسيرتها، التي جسدت من خلالها شخصيات ورموزاً وطنية مهمة مثل المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراهما، إلى جانب لوحات نابضة بالحياة لكل من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، مؤكدة اهتمامها بتكثيف مشاركاتها في مناسبات وفعاليات ومعارض فنية مهمة في الدولة.
الثلج
توقفت الفنانة الإماراتية، شما آل علي، عند أكبر تحديات تنفيذ أعمالها الفنية المعقدة والدقيقة، المتمثل في الجهد الجسدي الذي تتطلبه لوحاتها التي تُنفَّذ بالمطرقة ودق المسامير، قائلة بنبرة دعابة: «في أكثر من مرة يتسبب جهد دق المسامير وتثبيتها بالمطرقة، في تورم أصابع يدي لساعات وشعوري بالألم، لكنني تعودت مع الوقت على هذا العارض، ووجدت بدائل وحلولاً، مثل الثلج، لتجاوزه، ومواصلة العمل من جديد كل مرة».
. أتبع منهجاً دقيقاً في تنفيذ لوحاتي، من التصميم الرقمي وصولاً إلى مرحلة ربط الخيوط، لتكتمل اللوحة.