الأثنين 9 ديسمبر 2024 - 04:46:21 ص

الرفاهية الكلاسيكية والعصرية.. هيرميس بيركين ولامبورجيني مقابل البيتكوين

الرفاهية الكلاسيكية والعصرية.. هيرميس بيركين ولامبورجيني مقابل البيتكوين

دبي، الإمارات العربية المتحدة:

لم يعد التفاخر بالثروة مقتصرًا على امتلاك حقيبة فاخرة من علامة "هيرميس" أو قيادة سيارة رياضية مثل "رولز رويس"، فقد تغيّر مفهوم الاستهلاك التفاخري في عصرنا الحديث، ليعكس التحولات الاقتصادية والاستهلاكية، حيث أصبح امتلاك عملة "بيتكوين" أو العملات الرقمية بشكل عام، بمثابة الطريقة الجديدة للتفاخر وإظهار المكانة الاجتماعية.

منذ أن صاغ عالم الاقتصاد والاجتماع الأمريكي ثورستين فيبلين مفهوم "الاستهلاك التفاخري" في القرن التاسع عشر، كانت السلع الفاخرة الملموسة هي المؤشر الأول على النجاح والثروة، لكن في عصر الاقتصاد الرقمي، أصبح التفاخر أكثر ارتباطًا بالرموز الرقمية والتجارب الفريدة، فاليوم، يُنظر إلى العملات الرقمية مثل "بيتكوين" على أنها ليست فقط وسيلة استثمارية، بل أيضًا تعبير عن الحداثة والانتماء إلى نخبة جديدة من المستثمرين الرقميين.

لقد أصبح شراء العملات الرقمية مثل "بيتكوين" أو الاستثمار في الأعمال الرقمية بمثابة النسخة الحديثة من التفاخ، فهذه الرموز الرقمية لا تُظهر فقط الثروة، بل تعكس أيضًا وعيًا بالتطور التكنولوجي والقدرة على التعامل مع الابتكارات الحديثة، وتمامًا كما كان امتلاك سيارة رياضية نادرة في الماضي يعبر عن الجرأة والتميز، أصبح امتلاك محفظة عملات رقمية ذات قيمة مرتفعة وسيلة للتباهي في العصر الرقمي.

من ناحية أخرى، لا تزال السلع الفاخرة التقليدية تحتفظ بجزء من بريقها، لكنها تتعرض لضغوط نتيجة صعود الاستهلاك الرقمي، ووفقًا لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية، تشير تقارير إلى تراجع الطلب على منتجات الفخامة التقليدية، مثل "غوتشي" و"LVMH"، لصالح الاستثمارات الرقمية.

ويرى خبراء أن العلامات التجارية الفاخرة قد تضطر إلى التكيف مع هذا الاتجاه عبر إدخال عناصر رقمية في منتجاتها، مثل إطلاق رموز "NFT" خاصة بها.

وتبرز حقيبة هيرميس بيركين كواحدة من أكثر رموز الترف والرفاهية تميزًا في العالم، وتُعد الحقيبة، التي سُمّيت تيمّنًا بالممثلة البريطانية جين بيركين، استثمارًا بحد ذاته؛ حيث يُمكن أن تتجاوز أسعار بعض الإصدارات النادرة منها 500,000 دولار أمريكي، في الواقع، بيع إصدار مرصع بالألماس في مزاد بأكثر من 380,000 دولار، مما يجعلها واحدة من أغلى الحقائب في العالم، لكن امتلاك هذه الحقيبة ليس بالأمر السهل؛ إذ يتطلب الأمر من الزبائن إنفاق آلاف الدولارات مسبقًا على منتجات أخرى في متاجر "هيرميس" لبناء علاقة مع العلامة التجارية قبل أن يُسمح لهم بشراء واحدة.

أما في عالم السيارات الفاخرة، فإن لامبورجيني تُجسد حلم عشاق الأداء العالي والفخامة، لكن الحصول على سيارة مثل لامبورجيني أفينتادور أو لامبورجيني أوروس قد يستغرق وقتًا طويلًا، إذ تتراوح فترات الانتظار بين 12 إلى 18 شهرًا وربما أطول لبعض الطرازات النادرة أو الإصدارات الخاصة، هذا الانتظار يعكس الطبيعة الحصرية لهذه السيارات، حيث تُنتج الشركة عددًا محدودًا فقط من كل طراز لتلبية الطلب العالمي مع الحفاظ على التفرد الذي يميز علامتها.

في المقابل، يعكس الاستهلاك العصري تحولًا كبيرًا في مفهوم الرفاهية، حيث أصبحت البيتكوين والعملات الرقمية رموزًا جديدة للترف والحداثة، فامتلاك محفظة رقمية تحتوي على بيتكوين بقيمة كبيرة يُعادل اليوم شراء حقيبة "بيركين" أو سيارة "لامبورجيني"، ولكنه يحمل طابعًا مختلفًا، فالبيتكوين ليس فقط وسيلة استثمارية، بل هو أيضًا رمز للانتماء إلى النخبة الرقمية العالمية، التي تجمع بين الفهم العميق للتكنولوجيا والقدرة على التعامل مع عالم الاقتصاد الجديد.

وعلى عكس المنتجات التقليدية التي تُظهر رفاهيتها علنًا، يُمكن للبيتكوين أن تكون وسيلة خفية للتفاخر بالمكانة، حيث تُظهر قيمة المحفظة الرقمية للفرد وذكاءه الاستثماري، تمامًا كما يتطلب الأمر بناء علاقة مع "هيرميس" لشراء حقيبة، يتطلب النجاح في عالم البيتكوين فهمًا معمقًا للسوق وشجاعة لتحمل تقلباته.

سواء كانت حقيبة "هيرميس بيركين" التي ترمز إلى الرقي والأناقة الكلاسيكية، أو سيارة "لامبورجيني" التي تمثل القوة والتميز، أو امتلاك البيتكوين كرمز للحداثة، فإن مفهوم الاستهلاك التفاخري يستمر في التطور، ليعكس الأولويات المتغيرة بين الجيلين الكلاسيكي والعصري.

سواء كان التفاخر بامتلاك حقيبة فاخرة أو ساعة نادرة أو محفظة "بيتكوين"، يظل الهدف الأساسي للاستهلاك التفاخري هو نفسه: إبراز المكانة الاجتماعية، لكن البعض، خاصة من جيل الشباب أو المتخصصين في مجال العملات الرقمية، يعترضون على أن اقتناء حقيبة فاخرة يساوي الاستثمار في عملة البيتكوين، وفي المقابل، يرى عشاق الموضة أن امتلاك حقيبة "هيرميس بيركين" يمثل استثمارًا حقيقيًا على مر الزمن.

ويبقى الجدل قائمًا بين مقتني "هيرميس" ومقتني "بيتكوين" حول أيهما يمثل الاستثمار الأذكى، ليعكس في النهاية اختلاف الأولويات بين الرفاهية الكلاسيكية والتفاخر العصري.